من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية
×

محمود الشريف يكتب: القوة الحقيقية.. بين فوهة البندقية ووزن الكلمة

محمود الشريف يكتب: القوة الحقيقية.. بين فوهة البندقية ووزن الكلمة

ما جرى من استهداف الوفد الفلسطيني في قطر، لم يكن مجرد عملية عسكرية معزولة، بل كشف بوضوح عن خلل أعمق في معادلة القوة والردع، فالمسألة لم تعد مرتبطة بامتلاك إمكانيات عسكرية أو مخزون من العتاد، بقدر ما باتت مرتبطة بالسؤال الأهم: هل يمكن توظيف هذه الإمكانيات بفاعلية على طاولة السياسة والمعادلات الإقليمية؟


إن القوة ليست في السلاح وحده، فكم من دول تمتلك ترسانات عسكرية ضخمة لكنها غائبة عن التأثير، وكم من قوى إقليمية محدودة الإمكانيات لكنها فرضت نفسها كرقم صعب يُحسب له ألف حساب. جوهر القوة يكمن في أن يكون لك وزن سياسي وهيبة دولية تجعل الخصوم يترددون ألف مرة قبل أن يخططوا أو ينفذوا أي خطوة عدائية.


حين تُقدم إسرائيل على استهداف وفد فلسطيني رفيع داخل قطر وهي على يقين تام بعدم وجود رد أو مواجهة تردعها، فهذا يعني أن ميزان الردع مختل، وأن السلاح فقد أهميته لغياب الكلمة القوية والموقف الثابت. فالسلاح في غياب السياسة لا يعدو كونه عدة جامدة، بينما السلاح إذا ما اقترن بقدرة على التأثير السياسي والديبلوماسي، يصبح قوة حقيقية تُحسب في كل معادلة.


إن الرسالة الأوضح اليوم هي أن إعادة بناء ميزان الردع لا تتحقق فقط بالعتاد العسكري أو الاستعراض الميداني، بل عبر استعادة المكانة والهيبة، وخلق معادلة تجعل العدو يحسب خطواته جيدًا قبل أن يقترب. فالقوة في النهاية ليست ما تملكه، بل ما يظن خصمك أنك قادر على فعله.